تطوير

فجوة أسعار الغذاء في أوروبا تكشف تفاوتاً حاداً في مستويات المعيشة


Thu 18 Dec 2025 | 05:08 PM
أسعار الغذاء الأوروبية
أسعار الغذاء الأوروبية
أحمد سلامة

كشفت بيانات الاتحاد الأوروبي عن فجوة واسعة في أسعار الغذاء بين الدول الأوروبية، تعكس تفاوتاً صارخاً في مستويات المعيشة والقدرة الشرائية للأسر. ففي حين تضطر بعض الأسر إلى إنفاق نحو 20% من دخلها على الطعام، تدفع دول أخرى ثمن سلة غذائية أغلى بنسبة تصل إلى 60% من المتوسط الأوروبي، ما يجعل الأمن الغذائي والقدرة على تحمل الغلاء محور نقاش اقتصادي واجتماعي متزايد.

يعتمد التقرير على مؤشر مستوى أسعار الغذاء الصادر عن يوروستات، الذي يقارن تكلفة سلة غذائية موحدة في 36 دولة أوروبية، ويبرز التفاوت بين أرخص وأغلى الأسواق:

الدول الأرخص

مقدونيا الشمالية (73 يورو، أقل بـ27% من المتوسط)، تليها تركيا (75.7 يورو)، البوسنة والهرسك (82.5 يورو)، الجبل الأسود (82.6 يورو)، وبلغاريا (87.1 يورو).

الدول الأغلى

: تتصدر سويسرا القائمة (161.1 يورو، أعلى بـ61% من المتوسط)، تليها آيسلندا (146.3 يورو) والنرويج (130.6 يورو).

حتى داخل الاتحاد الأوروبي، يبقى التفاوت واضحاً، حيث تسجل رومانيا أدنى الأسعار (74.6 يورو) مقابل لوكسمبورج الأعلى (125.7 يورو). وتشهد دول مثل الدنمارك، إيرلندا، فرنسا، النمسا ومالطا أسعاراً أعلى من المتوسط بأكثر من 10%، بينما تبقى إسبانيا أقل بنحو 5.4%، ما يجعلها أكثر توازناً نسبياً بين الدخل والأسعار.

الأجور والضرائب.. المعادلة الخفية

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن الفجوة لا تتعلق بالأسعار فقط، بل تشمل عوامل هيكلية مثل تكاليف الإنتاج، سلاسل التوريد، أسعار الطاقة، والأزمات العالمية مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا. كما تلعب مستويات الأجور دوراً محورياً، إذ ترتفع الأسعار في الدول الغنية لتعكس تكلفة العمالة، في حين تعكس الضرائب، لا سيما ضريبة القيمة المضافة، الفجوة بين الأسعار والدخل من دولة لأخرى.

الغلاء والأمن الغذائي

يؤكد الخبراء أن المعادلة الحقيقية تكمن في الأسعار مقابل القدرة الشرائية. ففي شرق أوروبا، رغم انخفاض الأسعار نسبياً، تجعل الدخول المحدودة الغذاء عبئاً كبيراً على الأسر، ما يهدد الأمن الغذائي. أما الدول الغنية، فتتمكن من التعايش مع ارتفاع الأسعار دون أن تتأثر مستويات المعيشة بنفس الدرجة.

وتوضح هذه الفجوات أن أزمة أسعار الغذاء الأوروبية ليست مجرد مسألة أرقام، بل قضية عدالة اجتماعية واقتصادية، إذ تواجه الدول ذات الدخل المحدود مخاطر توتر اجتماعي نتيجة اتساع الفجوة بين الدخل وتكلفة المعيشة، في حين تمتلك الدول الغنية أدوات للتكيف مع الغلاء.