أكد يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري، أن الاستراتيجيات المصرفية الحالية تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية تشكل الأساس في توجه القطاع المالي خلال المرحلة المقبلة، يأتي في مقدمتها دعم جهود الإصلاح الاقتصادي من خلال تعزيز الشراكة مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، لتمويل المشروعات الإنتاجية ودعم القطاعات الحيوية، إلى جانب توسيع قاعدة الشمول المالي بما يضمن تحقيق نمو مستدام وزيادة فرص العمل.
وأشار أبو الفتوح إلى أن المحور الثاني يتمثل في التحول الرقمي والتطور التكنولوجي الذي يشهده القطاع المصرفي المصري، موضحًا أن البنوك المصرية وعلى رأسها البنك الأهلي المصري، قطعت خطوات متقدمة في مجال تبني الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الأمن السيبراني، بهدف تقديم خدمات مصرفية إلكترونية أكثر أمانًا وكفاءة، بما يتسق مع توجهات البنك المركزي المصري نحو تعزيز البنية التحتية الرقمية وحماية بيانات العملاء وفقًا للمعايير الدولية.
وأضاف أن البنك الأهلي المصري نفذ خلال السنوات الأخيرة خطة شاملة للتحول الرقمي وتعزيز منظومة الأمن السيبراني، تضمنت تطوير التطبيقات الذكية وتوسيع الخدمات الإلكترونية، مع التركيز على الاستثمار في العنصر البشري وتأهيل الكوادر العاملة في مجالات التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الكفاءات البشرية هي المحرك الحقيقي لعمليات التطوير المستدامة.
ولفت نائب رئيس البنك الأهلي إلى أن تنمية القدرات البشرية باتت تمثل أولوية استراتيجية على مستوى القطاع المصرفي، مشيدًا بجهود التعاون بين البنوك ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تنفيذ برامج تدريب وتأهيل متخصصة، مؤكدًا أن الكفاءات التقنية المصرية باتت محل تقدير متزايد في الأسواق الإقليمية والدولية، لما تتمتع به من مهارة وقدرة على الابتكار والمنافسة.
وأشار إلى أن توصيات المؤتمرات السابقة أسهمت في تحقيق نتائج إيجابية ملموسة على صعيد تطوير القطاع المالي، مؤكدًا أن النسخة الحالية من المؤتمر تستهدف البناء على تلك النتائج من خلال وضع رؤى عملية تسهم في دفع عجلة التنمية وتوسيع نطاق المشاركة في النمو الاقتصادي.
وأكد أبو الفتوح أن القطاع المصرفي المصري يمضي بخطى ثابتة نحو بناء منظومة مالية رقمية أكثر كفاءة ومرونة، ترتكز على التكنولوجيا والابتكار، وتستند إلى كفاءات بشرية قادرة على قيادة المستقبل بثقة واقتدار.
وفي سياق متصل، أشار يحيى أبو الفتوح إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز الشمول المالي وتوفير أدوات مالية مبتكرة تلبي احتياجات المستثمرين بمختلف فئاتهم، مع التركيز على تمويل المشروعات الإنتاجية التي تخلق فرص عمل وتدعم النمو الاقتصادي الحقيقي.
وأوضح أن استراتيجية القطاع المصرفي يجب أن تتجه نحو تحسين تجربة العملاء وتعزيز المرونة التشغيلية والتعامل بفعالية مع المخاطر المتجددة، مشيرًا إلى أن البنك المركزي المصري يمتلك رؤية استراتيجية متكاملة لهذا التوجه، تستهدف تحقيق التوازن بين الاستقرار المالي وتشجيع الابتكار.
ولفت نائب رئيس البنك الأهلي إلى تزايد الطلب الإقليمي والدولي على الكفاءات المصرفية المصرية، مؤكدًا أن تنمية العنصر البشري تمثل محورًا أساسيًا لرفع كفاءة القطاع وتعزيز قدرته على المنافسة عالميًا.
كما شدد أبو الفتوح على الدور الحيوي الذي تضطلع به البنوك في دعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر ومساندة جهود الدولة في مواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحًا أن دمج المعايير البيئية في السياسات الائتمانية أصبح ضرورة استراتيجية لاستدامة النمو، استكمالًا لمبادرات البنك المركزي الهادفة إلى تهيئة بيئة تمويلية أكثر وعيًا بالاستدامة.
وأشار كذلك إلى أهمية جذب تمويلات خضراء بشروط وأسعار تنافسية، بما يسهم في تمويل المشروعات الصديقة للبيئة وتعزيز التوجه نحو اقتصاد منخفض الكربون، مؤكدًا أن كل الجهود المبذولة، سواء في تطوير العنصر البشري أو في تطبيق مبادئ الاستدامة والحوكمة البيئية، تصب في هدف استراتيجي أكبر يتمثل في ترسيخ مكانة القطاع المصرفي المصري كمنافس قوي على الساحة العالمية، وقادر على قيادة التحول نحو اقتصاد أكثر شمولًا واستدامة.
وفي امتداد حديثه عن التطوير الرقمي ودور العنصر البشري في مستقبل القطاع المصرفي، أكد يحيى أبو الفتوح أن البنوك المصرية تولي اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في مجالي الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لحماية البيانات وتعزيز كفاءة التشغيل في ظل التحول الرقمي المتسارع.
وأوضح أن البنك المركزي المصري يقود هذا التوجه من خلال سلسلة من المبادرات التي تستهدف تطوير القدرات الفنية وتنمية العنصر البشري داخل القطاع المصرفي، بما يضمن بناء قاعدة مؤهلة قادرة على مواكبة التطور التكنولوجي العالمي.
وأشار نائب رئيس البنك الأهلي المصري إلى أن مصرفه يضع تطوير الكوادر العاملة على رأس أولوياته، عبر برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تتناول التوعية بالأمن السيبراني وبناء القدرات الرقمية، تماشياً مع استراتيجية الدولة للتحول إلى الاقتصاد الرقمي وتعزيز مرونة البنية التحتية المصرفية.
وأضاف أبو الفتوح أن دمج المعايير البيئية ومراعاة التكيف مع التغيرات المناخية أصبح جزءًا أساسيًا من سياسات التمويل الحديثة، مؤكدًا أن هذا النهج يسهم في جذب المزيد من التمويلات الدولية الموجهة لمشروعات التنمية المستدامة، ويدعم في الوقت ذاته جهود الدولة نحو بناء اقتصاد أكثر استدامة وشمولًا.
وفي ختام كلمته، وبصفته أمين عام مؤتمر «الناس والبنوك»، استعرض يحيى أبو الفتوح التوصيات الختامية للنسخة التاسعة عشرة من فعاليات المؤتمر، والتي جاءت لتؤكد على استمرار القطاع المصرفي في مواكبة التحولات الرقمية وتعزيز دوره التنموي.
وأشار أبو الفتوح إلى أن التوصيات تضمنت استمرار البنوك في ضخ المزيد من الاستثمارات وعقد شراكات لتوفير حلول متقدمة للذكاء الاصطناعي تُمكّن من اكتشاف ومنع عمليات الاحتيال والهجمات الإلكترونية بشكل استباقي وفوري، إلى جانب تعزيز البنية التحتية للمدفوعات الرقمية وتطوير حلول دفع مبتكرة وسهلة الاستخدام تسهم في تسريع التحول نحو مجتمع غير نقدي.
كما شددت التوصيات على أهمية التعاون مع الجامعات والشركات الناشئة في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالقطاع المالي، مع تبني استراتيجيات متطورة لتعزيز الوعي بمخاطر الأمن السيبراني وطرق الاحتيال، وتوفير تدريب أمني عالي الجودة للعاملين باعتبارهم خط الدفاع الأول في المنظومة المصرفية، فضلاً عن استمرار حملات التوعية الموجهة للعملاء.
وأوصى المؤتمر كذلك بتطوير منتجات مالية مخصصة لمختلف فئات المجتمع، وعلى رأسها المرأة والشباب، مع توسيع نطاق الوصول إلى المناطق النائية، واستمرار دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي، مع توفير الخدمات غير المالية الداعمة لها.
وفي الإطار ذاته، دعا المؤتمر إلى تعزيز ضخ التمويلات المستدامة للمشروعات ذات الأولوية، مثل النقل والبنية التحتية المستدامة، وبناء القدرات المؤسسية في مجالات إدارة المخاطر البيئية والمجتمعية، وتقييم العملاء وفق معايير الاستدامة. كما أوصى بعقد برامج تدريبية مكثفة للعاملين بالبنوك لبناء كوادر متخصصة في المجالات المحورية، وعلى رأسها الأمن السيبراني والتمويل المستدام، تأكيداً على أهمية العنصر البشري في قيادة التحول النوعي للقطاع المصرفي